أكد رئيس الجمهورية جوزاف عون، ان "لبنان يواصل اتصالاته الديبلوماسية مع الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا لاستكمال الانسحاب الإسرائيلي مما تبقى من الأراضي اللبنانية التي احتلتها اسرائيل في الحرب الأخيرة، والقرار اللبناني في هذا المجال موحد في اعتماد الخيار الديبلوماسي لان لا احد يريد الحرب".

كلام الرئيس عون جاء خلال لقائه وفد "نادي الصحافة" برئاسة بسام أبو زيد.

وأكد الرئيس عون على ايمانه بحرية الرأي والمعتقد "لكن الحرية مسؤولية لئلا تصبح فوضى"، لافتا الى أهمية دور الإعلاميين خصوصا اذا كان نقدهم للإصلاح وليس للتجريح وتشويه الصورة. وقال: "لا نريد ان تبخّروا بنا وليكن نقدكم بناء حفاظا على مصلحة لبنان".

واعتبر الرئيس عون "انه اذا كانت الحرية متفلتة فان على القضاء ان يصحح المسار من خلال تطبيق القوانين".

وردا على سؤال، نفى الرئيس عون ان يكون هناك حصار على الطائفة الشيعية كما يروّج البعض، لافتا الى ان الإجراءات المتخذة بالنسبة الى شركات طيران إيرانية محددة مرتبطة بالعقوبات المفروضة على هذه الشركات ولا يمكن اعتبارها حصارا على الطائفة الشيعية الكريمة لانها جزء أساسي من الجسم اللبناني وليست غريبة عنه.

وردا على سؤال آخر، اكد الرئيس عون "ان عملية إعادة الاعمار لن تكون بين ليلة وضحاها وهي مرتبطة بشكل او بآخر بحصول الإصلاحات ومحاربة الفساد والإصلاح المالي وغيرها من المسائل التي اشرت اليها في خطاب القسم".

وقال: "نريد العمل مع الجميع من اجل دولة تحظى بثقة العالم وتكون أولى مهامها محاربة الفساد".

وشدد رئيس الجمهورية على ضرورة إعادة بناء جسر الثقة بين اللبنانيين رافضا ان يستقوي احد بالخارج، والجميع لا يريد الحرب بل يريد الدولة، مضيفا "علينا مقاربة الوضع بروية ومن دون تشنج ولا تخوين للاخر. اللبنانيون لا يريدون الحرب ولا العيش بين المتاريس لذلك اعتمدنا الخيار الديبلوماسي. لقد دفع اللبنانيون الثمن غاليا ويحق لهم العيش بامان فلنتكل على بعضنا البعض ونتحد في مواجهة الخارج ولا نكون ضد بعضنا البعض".

واكد الرئيس عون ان الدولة باتت مسؤولة عن ضبط الامن والحدود بعدما استعادت قرارها وهو قرار اللبنانيين وليس غيرهم.

وأشار الى انه سيقوم بجولة على الدول العربية والغربية بعد ان تأخذ الحكومة الثقة، داعيا الإعلاميين الى عدم التهجم على الدول الشقيقة والصديقة وعدم اعتماد الاثارة الطائفية.

من حانبه، ألقى أبو زيد كلمة باسم الوفد حيث قال: "نأتي إليكم حاملين آمال الناس وأحلامهم فنحن كصحافيين وإعلاميين على تماس يومي معهم نسمع ونرى وندرك عمق ما يتمنونه، وانتم العارف أكثر منا بما يريدون فقد كنتم وما زلتم على تماس يومي مع هؤلاء الناس منذ أن تسلمتم قيادة الجيش وصولا إلى توليكم سدة رئاسة الجمهورية".

وأضاف "سنكون كصحافيين، كإعلاميين معك سلاحاً في وجه كل من سيحاول التخريب وقطع الطريق على مسيرة بناء الدولة، سنكون دائما إلى جانب الحق ونواجه الباطل ولكننا نطالبكم بالحصانة والحماية من ممارسات وتعديات كثيرة ومن الطارئين على مهنتنا وفيهم من يغذي خطاب الكراهية والفتنة والجريمة وعلينا أن نكون معا في مواجهة هؤلاء".

ثم استقبل الرئيس عون رئيس المركز التربوي للبحوث والانماء هيام اسحق مع وفد هنأه بانتخابه رئيسا للجمهورية وقدم له الاطار العام لمنهاج التعليم العام ما قبل الجامعي الذي انجزه المركز.

في مستهل اللقاء، تحدث اسحق معتبرا ان الجمهورية اللبنانية متشوقة بكل جوارحها لرئيس من قماشة الرجال العظام النزهاء المخلصين الذين يبعثون الرجاء والامل باستعادة الوطن وتعزيز استقراره السياسي ويبنون مسارا جديدا يعيد ثقة اللبنانيين بمؤسساتهم.

وقال: "لقد استمعنا الى خطاب القسم واعتبرناه دستورا توجيهيا يستنهض الهمم لبناء مواطن ودولة حديثة. فجئنا اليكم حاملين امانة تربوية كبيرة بحجم أولوية التربية والعلم اللذين عبرتم عنهما وهذه الأمانة هي ورشة تطوير المناهج التربوية بعد 25 عاما على صدور آخر مرسوم للمناهج".

وتابع: "جئناكم ونحن مقتنعون الى حد الايمان ان عهدكم هو عهد الإصلاحات المطلوبة وتجاوز التحديات الكبيرة لبناء وطن مزدهر ومستقر. لذا كلنا ثقة انكم ستقفون بجانب المركز التربوي للبحوث والانماء والاسرة التربوية في القطاعين الرسمي والخاص وتدعمون انجاز المرحلة النهائية من مشروع تطوير المناهج التي أصبحت في مرحلة صياغة مناهج المواد التعليمية لكل المراحل والصفوف. ويلي ذلك التطبيق على عينة مختارة من المدارس ومن ثم تقييم المرحلة وتدريب افراد الهيئة التعليمية في القطاعين الرسمي والخاص على روحية هذه المناهج وأهدافها واصول بناء المتعلم المواطن الذي نتطلع اليه ونعول عليه ليكون حاملا للمسؤولية في المستقبل. ونرغب بأن نشير إلى أن اتفاق الطائف قد نصّ على أن يكون كتاب التربية الوطنية والتنشئة المدنية موحّداً، وكذلك كتاب التاريخ. ونحيطكم علماً أن كتاب التربية قد صدر في مناهج العام 1997 وهو اليوم قيد التجديد. ولكن كتاب التاريخ لم يصدر منهجه على الرغم من المحاولات العديدة لإنجازه منذ العام 1968. وبناءً عليه نأمل منكم يا فخامة الرئيس أن تكونوا الراعي لإصدار منهاج التاريخ الموحّد وكتبه، لأن انتخابكم في هذا الوقت هو خطوة لقيت تأييداً واسعاً ودعماً من مختلف الأطراف، فأنتم موضع ثقة المواطنين. وإننا على يقين بأن الفترة المقبلة ستحمل معها الكثير من الفرص لتحقيق إصلاحات جذرية تعيد للبنان مكانته وتضعه على سكّة التعافي الاقتصادي والاجتماعي والتربوي".

وأضاف "آمالنا كبيرة بفخامتكم وبالحكومة الجديدة برئاسة دولة الرئيس الدكتور نواف سلام وبمعالي الوزيرة الدكتورة ريما كرامي لاحتضانكم ورعايتكم وطننا الحبيب بكل مؤسساته وكينونته وأحلام أبنائه بالسلام والاستقرار. وكلنا نتحلّق حول محور الدولة وجيشها ومؤسساتها الأمنية، فهي تحمينا وتدعم تطلعاتنا وأحلامنا بالمستقبل وتمهّد طريق الاصلاحات والترميم والسيادة والازدهار. وبالتربية نبني معكم وطناً متألقاً ومنيعاً".

ورد الرئيس عون شاكراً الوفد على دعمه وتأييده، مشدداً على أهمية التعليم والثقافة، معتبراً ان العلم هو ثروة لبنان الحقيقية، ولطالما كان لبنان منارة للمنطقة من خلال مستواه العلمي والثقافي، وكان مقصد العديد من الطلاب العرب والأجانب الباحثين عن العلم وقد استقبلهم في جامعاته ومدارسه، وهو لا يزال، على الرغم من كل الظروف قادراً على المحافظة على هذا المستوى العالي.

واعرب عن اسفه لعدم وضع كتاب جديد للتاريخ منذ العام 1968، منتقداً كيف تنظر كل فئة الى لبنان من وجهة نظرها الشخصية وليس من وجهة نظر عامة. وأمل ان يتم السعي والنجاح في وضع كتاب جديد للتاريخ، وتطوير المناهج العلمية بشكل عام، "لان من لا يواكب التطور ينساه التاريخ".

وأشار الرئيس عون الى وجوب تطوير المدارس والجامعات الرسمية التي خرّجت رجالاً كباراً في تاريخ لبنان، مشيرا الى انه تم ادراج فقرة مهمة الى البيان الوزاري للتشديد على أهمية التعليم، معرباً عن الاستعداد لبحث كل الاقتراحات والأفكار لايجاد الحلول للمشاكل التي تعترض الجسم التربوي، انطلاقاً من المصلحة العامة ومصلحة لبنان، "فبناء الدولة العصرية القائمة على محاربة الفساد والإصلاح الاقتصادي والتربوي والتطور، ليس مستحيلاً اذا صفت النوايا".